لحظة

تزداد طلباتها وحدة صوتها شيئاً فشيئاً وانا أردد “لحظة يا بابا، لحظة بس…”

ولا تصمت لثانية حتى تكرر: ” بابا بابا بابا….”
انتفضت غضباً وصرخت بأعلى صوتي: ” لحـــــظـــــة!”
التفت الي ابنتي ذات الاربع سنين بعينين ملؤها الرعب: ” طيب يا بابا يعني ايش لحظة؟!”
اعدت النظر اليها وانا في قمة الذهول كما لو كانت عبارتها صفعتني لأتأمل ما قالته….
تأسفت منها وقبلتها والذنب يأكلني على العضب الذي فرغته عليها… ثم شكرتها في قلبي على الدرس…
كم هو عجيب اتفاقنا على الكلمات، ظانين أننا متفقون على معانيها، ونحن بعيدون كل البعد عن ذلك.
نعتقد جازمين في دواخلنا أن من أمامنا يفهم ويعي ويدرك تماماً ما نعني من كلماتنا. تلك الكلمات المحدودة التي ليست إلا مجموعة من الأحرف المجتمعة، مكنوزة المعنى، نحاول التعبير عنها بنبرة صوت أو لحن على أمل أن نُفهم!
يا ترى من مرة اسأنا فهم بعضنا البعض بسبب أحرف؟

كم مرة تآمرنا داخل عقولنا على فلان والآخر وفوجئنا أن كل تلك المؤامرات ما هي إلا ترُهات؟
كم مرة وصلتنا رسالة نصية، عنوناها بأنها “باردة وقليلة ذوق”، قد يكون أرسلها صاحبها وهو في قمة إنشغاله؟
كم مرة حكمنا على الآخرين بسبب فهمنا المحدود لأحرفهم؟

أو ظننا بأنهم يفهمون أحرفنا تمام المعرفة؟
كم من مشكلة تفاقمت وتصاعدت بسبب سوء فهم؟
اتفاقنا على الكلمات لا يعني اتفاقنا على المعاني؛ “لحظة” قد تفيد طلب الإنتظار، أو قد تحمل في طياتها غضباً وضجراً وقلة صبر، وقد لا تعني أي شئ البته!
حياتنا تحكمها كلمات، خزّٓناها في أوعية أنفسنا مع معاني تحصلنا عليها في مواقف مصاحبة، لتصبح النظارات التي نرى بها “واقعنا”، ناسين أنه مختلف تمام الاختلاف عن واقع غيرنا.
لحظة: هي ما علينا أن نأخذ قبل الحكم على الاخرين بالسلب أو الإيجاب لنتفكر أو نتأكد مما يعنون.
شكراً دانه

وبعدين

وبعدين؟

سؤال لا نفتئ نسأله…. لا مكان له في الآن… نهرب به من حقيقة اللحظة إلى وهم الزمان…

الزمان… ذلك الإناء الذي تحصل في الأحداث… تملأه الأقدار التي نخيطها حسب أفكارنا ونوايانا… حسب مخاوفنا وقلقنا… حسب أفراحنا و أتراحنا

وبعدين؟

ظننا أن العبرة تكمن في “بعدين” الذي لم يقع بعد هو نواة ضلالنا عن الصراط المستقيم الذي نقف عليه الآن…

“أنا” عند ظن” عبدي بي

أين عنديتنا؟ أين مكانها وزمانها؟

فحيث العندية تكمن أنانا التي فقدناها…

هناك “تعبد” الطرق التي تؤدي “لبعدين”… هناك نكون في الآن حيث اللازمان أو المكان

وبعدين؟

سؤال هادي ومضل…

مضل إن سمحنا له أن يغمرنا في التفكير والتقدير والتدبير

وهادٍ إن ألهمنا بما نحتاج لأن نفعل الآن… ليس بعد ثوانٍ أو دقائق أو أسابيع أو أشهر… الآن وحسب

وبعدين؟

سؤال مبهم أو ملهم…

مبهم إن أضاعنا في المستقبل الذي لم يأت بعد

وملهم إن أطلق العنان لإبداعنا في اللحظة…

وبعدين؟

كل “بعدين” مبنيٌ على الآن…

ما تفعله الآن سبب يظهر نتاجه في بعدين

بذرة ثمرتها في بعدين

وبعدين؟

فيها بُعْدَين

البعد الأول زماني والثاني مكاني

أنا الزماني فآني: توقيته رباني تأخذ فيه خطوات ملهمة من وحي رباني

وأما المكاني فتعلمه لا بعقلك المحدود، بل بقلبك الممدود الذي يبدأ من مكان أرضي وينتهي بآخر سماوي

وبعدين؟

تابعني هنا – Follow me here

search-1

هواه

وتمضي الأيام يوماً بعد يوم… لا يحصي عددها إلا “هو”

من هو يا ترى الذي نتوجه إليه…؟

أهو إله آبائنا و أجدادنا؟ أم هو إله نسجناه من خيالاتنا و أفكارنا وبرامجنا التي تلقيناها على مر السنين؟

 أم هو أداة سلطة وقوة نستخدمها لنحصل على ما نريد؟

“يقول الحكيم لاو تزو (عليه السلام):

“الله الذي تظن أنه الله، هو ليس الله المطلق”

ما “نظن” أنه الله، هو ليس “هو”، بل هو فكرتنا المحدودة عن ما نظن أنه هو…

“ناسين أن “بعد الظن إثم

:”كم أثمنا يا ترى بإسقاطاتنا “عليه

إنت ما تخاف الله؟ :عن أي إله تتكلم

كل ما حصل كان من أقدار الله: إلهي أم إلهك

لو ما سمعت الكلام الله حيسخطك ويعذبك وما يرضى عنك؟

كيف سخرنا الإله لهوانا؟ متى إستخدمناه كسوط وعصى نبطش بها من نشاء ممن لا يناسب فكرنا المحدود…

“أفرأيت من إتخذ إلهه هواه؟”

 هواه… ذلك الهوى المتغير … تلك النزعة الدنيا التي لا يتجاوز بعدها اليوم أو الغد… رؤية محدودة أنانية لا تسمن ولا تغني من جوع…

الهوى الذي به نخلق إلهاً يخدم مصالحنا… فإذا قضيناها غيرناه تارة بعد اخرى 

كمثل من صنعه من تمر فإذا جاع أكله!

نصنعه ونهدد به، ونقتل به، ونسترضي به، ونبيع ونشتري به، اسقاطاً عليه، لحاجتنا للهروب من المسؤولية، ورغبتنا في وجود عنصر خارجي نلقي عليه اللوم ونبرر اخطائنا به!

ذاك هو الله بالنسبة لنا، ذاك هو اله هوانا!!

ويبقى السؤال الازلي: يا ترى من هو الله المطلق

أربعون

تحيط بنا الأرقام من كل جانب…بعضها يحدد مسارات حياتنا

فالرقم واحد على سبيل المثال يحدد “وحداينيتنا وتوحيدنا”، وكذلك بدايتنا على هذا الكوكب المبسوط

وإن تغير الرقم إلي ثلاثة، تغير معه إيماننا بالواحدانية للثالوثية التي قد نخرج بعضنا بعضاً به من الملة، وحتى من الإنسانية!

أرقام زوجية وفردية، خلقناها لكي نستخدمها حتى إنقلب الحال لتصبح هي من يستخدمنا….

ثلاثة أيام من الصمت كفيلة بأن تُخرجك من بعد المدركات الحسية إلى بعد روحاني تكالمك فيه الأشياء والكائنات

سبعة أيام أسبوع، وسبع صلوات يومية، وسبع ألوان طيفية، تنتقل بنا من بعد إلى آخر، تارة صعوداً وتارة هبوطاً

٣لاث و٣لاثون تسيبيحة هي لبنات لبيت في جنة ذات ثمان أبواب

خمسٌ وعشرون يوماً تكفي لتكوين أو كسر عادة… كما أثبتت درساتٌ نفسية…

مائة و أحد عشر تراها على شاشة ساعتك الرقمية تفتح باباً لتحقيق أمنيات خيالية

أهي حقيقة؟ أم هي أوهام وآمال نلقي عليها الأحلام والملام؟

قال لي: أربوعنك هي الميعاد، فاشكر الله فيها على الرضا و الإنعام

قلت: بداية أم نهاية؟

فقال: كل نهاية هي بداية فاختر ما تشائها أن تكون

فات رقم وبقي آخر… ولكل حادث حديث

أن تكون

“أن تكون أو لا تكون”

سؤال طرحته روح شيكسبيرية متسائلة عن سبب الوجود… وتطرحه كل “الكائنات” إلى نهاية الأجل… إن كان له نهاية…

أشلاء جمعت من مزجة طين لازب لتُصَيَّر بشراً “بحرفين” ليسمى “كائناً” كيف يا ترى تأبى إلا ألا تكون؟!

الكينونة هي سر وجودي أصيل… ليست عملاً ولا تحتاج مجهوداً …. لا وصول لها ولا درب… هي الدرب ذاته… والوطن الأول الذي نُطقت فيه الكلمة الأولى…

هي ليست فعلاً مضارعاً أو ماضياً… هي “أمر”…. “كن”… “كن” … “كن”

أمرٌ لأن تكون بكل ما أوتيت من روح ونفس وعقل وجسد… أمر أن تكون واحداً مع الأحد… متواحداً مع الوجود… متواجداً في عمق اللحظة “الكونية”… التي لا حقيقة إلا هي…

هي أمرٌ يأخذك من وهم الزمن إلى حقيقتك الأزلية التي لا وجود لها فيه…

يأخذك من زيف النسيان إلى حقيقة التذكر…

وحين تتذكر… تعلم أنك لم تكن أصلاً إلاً “كائناً”… من “الكائنات”

أن تكون هو سيرورتك على الصراط المستقيم الذي خُلقت عليه… و ألا تكون… هو خروجك عنه… ومحاربتك لطبيعتك وفطرتك التي فُطرت عليها…

الكينونة خيار… واللاكينونة خيار…

إن “كنت” كان لك كل شئ… وإن لم تكن… صار ضدك كل شئ

فأيهما يا ترى تختار؟

ذاك هو السؤال…

 

تابعني هنا – Follow me here

search-1

ما في الغيب

نتهكم احيانا من القدر والمقدر دون ان نعي ذلك
نسخر من قانون الكمال الكوني والرزق السرنديبي بعبارات لا نلقي لها بال فنلقى في غيابة جب الكلمات الحاجبة للروح
المضيعة للرزق والتيسير

لا تكمن القصة في مجرد الكلمة، وهذا لا يقلل من قيمة طاقتها، بتاتاً. إلا أن المعنى المبطن والمرتبط بالكلمة هو ما يحجب او يكشف…

نسخر من الغيب احيانا بقولنا: “اصرف ما في الجيب، يأتيك مافي الغيب”..

!!! ناسين أنه لم يمض قط يوم علينا دون ان نحقق العبارة السابقة بحذافيرها

وسل نفسك… هل سبق لك ان صرفت ما ليس في جيبك… واتاك ما ليس في “غيبه”؟

؟ان كانت اجابتك بنعم.. فلم يا ترى اصبحنا مهوسين بالتحكم في الخطط والنتائج حتى اضحت الحياة محناً في محن

حتى تعريفنا للغيب يحمل معان بعيدة كل البعد عن الحقيقة
… وبضدها تعرف الاشياء

فإن عرفنا الغيب بتعريفنا لنقيضه: الشهادة

لأيقَنَّا أن العالم كله عالم شهادة
فالشهادةُ ما شهدته او شهده غيرك بأي من الحواس الخمس
والغيب ما كان دون ذلك
وهذا يعني أن الغيب الذي أُمرنا بالايمان به… هو ليس ما نظن أنه هو!

فوجودك في بيتك… وعدم رويتك لمن يقف اسفل بنايتك لا يعد غيبا… هو شهادة، لكنها قد لا تكون شهادة لك في هذا الوقت… فإن اخترت تركيب عين سحرية او كاميرا خفية… لايقنت نفسك وعقلك بشهادة ما عند باب بيتك

المال الذي تصرفه شهادة… والذي يأتيك، شهادةٌ عندَ غيرك… غيب مؤقت عندك.

إيماننا بالغيب يحررنا من التوقع… ويكسر الاصفاد الشركية التي ملأنا بها انفسنا حتى رانت على قلوبنا

لكن البداية تكون بتعريفنا للغيب وتعرُّفُنا عليه قبل أن نبدأ بالإيمان به

فما هو غيبك وما هي شهادتك؟

تابعني هنا – Follow me here

search-1

 

راجعون

ويبدأ الكلام الذي لا آخر له…
من أين يأتي وإلى اين يذهب يا ترى…
يبدأ بلا بدء وينتهي بلا منتهى…
عند السدرة التي أشك أن لها من اسمها نصيب…
سألت: هل ثمة مبتدى لكل للأشياء…؟
فأجاب: الحب الحقيقي…
لا يبدأ ولا ينتهي… هو فقط كما “هو”
دون شك أو ريب أو قيد أو شرط… لا يحيط به زمان ولا مكان…
الحب هو الوحيد الذي ثُنينا معه فيه…
الحب هو الدواء لكل الأسقام والالام…
الحب هو “هو”… وأنا… وأنت…
نحن منه فإن عدنا اليه… رجعنا “فيه”..
وإنا له… فحين نرجع..فيه نعود..

دمتم بحب

تابعني هنا – Follow me here

search-1

234

في كل لحظة من لحظات حياتك… يرسل الله لك الرسائل من هنا وهناك

على يد مَلكٍ مُرسَل… أو “حكيمٍ” بشري مُلَهم… أو أرقام تجدها في تكرار

تهرب من المعنى بالإختباء وراء “الأشجار”… تستر وجهك وتغطي ما كنت تظنه عيباً إو عار…

لم الهروب من الأنثى التي تسكن فيا؟

كيف أفهم رسالتها الخفية؟

تسأل فتُجَاب… وتطلب فيحُقق لك كل مرادٍ في غياب

القدر بأسره… يتحالف من أجلك…

تتسائل مراراً وتكراراً… عن سر تلك الإشارة…

ِفتُلهم المعنى المُحَرِرِ… وتجد ذاتك عنك تُقرِر…

فتُسيَّر دون أن تَخْتار…

لتجد تفسك بين يدي شخصٍ مُختار… لا تملك إلا أن تقول له: “لو سمحت:احلق على تو ثري فور!”

تابعني هنا – Follow me here

search-1

نية العيد

نستيقظ قبيل بزوغ الفجر… لنتطيب ليوم جديد— عادة

نلبس الثوب الجديد ونستعد بالتكبير للعيد—- عادة

نجتمع مع الأهل و الأحباب…  نتبادل الصحكات والبسمات — عادة

نتجاذب أطراف الحديث عن آخر الكوارث و الأحداث —- عادة

نحوقل ونحسبن على كل ظالم كذاب —- عادة

نذبح الخراف ونأكل منها مما لذ وطاب —- عادة

ينتهي يوم العيد ليبدأ قرينه غداً من جديد —- عادة

متى ما تحول العيد لنظام ثابت موحد… تحول إلى عادة نفسية عقلية… لا مشاعر فيها ولا أحاسيس… عيد قد تغمره السعادة وإجتماع الأقارب و الأحباب… إلا أن الحب والبهجة منه في غياب!

العيد ليس عادة… العيد عبادة… والعبادة أصلها حب مقرون به سبحانه… فمتى ما غاب الحب… غاب العيد… ونسينا أنه سبحانه دوماً قريب مجيب…

متى ما غابت النيات… إنقلبت العبادات إلى عادات… نكررها دون علم أو حكمة… ماهي إلا رفع عتب خوفاً من تقصير أو نقمة…

العيد بنية… خيرمن أعمال مليونية… نكررها اليوم تلو اليوم… والعام تلو العام… دون شعور بطمأنينة…

الإستيقاظ بنية: شكر على إحياء بعد موات

اللبس بنية: تقدير لنعم المولى الكريم الرزاق الخلاق

الإجتماع بنية: إمتنان للجامع الفرد

التكبير بنية: إستشعار هداية

الذبح بنية: تضحية إبراهيمية

وكما يقول المعلم الجليل: “إذا صفت النية… تجلت الآلية”

دمتم بعيد ونية

تابعني هنا – Follow me here

search-1