Noor Azzony | نور عزوني

~ Alchemist | Spiritual Guide | Teacher | Writer

Noor Azzony | نور عزوني

Monthly Archives: أكتوبر 2012

نور… عليه السلام

28 الأحد أكتوبر 2012

Posted by Noor Azzony - نور عزوني in Letting Go - سلّم تسلم, Meditations - تأملات

≈ 2 تعليقان

منذ فترة ليست بالقريبة، أعدت إرسال تغريدة من أحد من أتابعهم يداوم على كتابة مقولات لسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه… لا أذكر ماهي العبارة تحديداً، غير أنها بدأت بـــ “يقول الإمام علي عليه السلام:….”

فوجئت بأحد متابعي ينهال علي بعبارات من النصح… لم أفهم السبب بادئ الأمر، لكنني حين أكملت قراءة النصائح اكتشفت أن ما أستوقفه كان عبارة “عليه السلام”.. والحجة حسب قوله، أن تلك العبارة لا تستخدم إلا مع الأنبياء كـ “موسى عليه السلام… وإبراهيم عليه السلام…”

لم أكن من الطلبة الناصحين في مادة النحو والصرف، لكنني لا أذكر أننا تطرقنا لأن حرف الجر “على” يضيف قدسية أو يزيلها حسب مكان وضعه في الجملة! فعلى سبيل المثال: قولنا: “عليه السلام” يختلف عن “السلام عليهم”، ففي الأولى على ما يبدو لي أن “السلام” خاص بالأنبياء… أما في الثانية فهو لعامة الناس!

ما يحزنني أننا بتنا نركز على الرموز من الأعمال والأقوال ونترك الجواهر، ناسين أن السلام هو تذكير يومي لنا بالله السلام… وأنه سبحانه يسلم ويصلي علينا كلما صلينا وسلمنا على حبيبه المصطفى: “من صلى عليّ صلاة، صلى الله عليه بها عشرة” وأن موقع  حرف الجر لا يشكل أي فرق غير أن تغييره، عند البعض خارج عن المعتاد وكاسر للبرمجة التي إعتدنا عليها طوال عمرنا…

أصبح السلام، كلمة نرددها دون أن ندرك مدى عمقها… حتى باتت فاقدة لمعناها وروحها… مستهلكة من تكرار نطقنا لها في اليوم والليلة… فشرعنا نعطيها طابعاً عصريا ظناً منا أنه نوع من التجديد …. “سلملم… سلامؤمؤ… سلامولي…”

تأملت فيها وأنا أنطقها البارحة، وكأنني أنطقها لأول مرة في حياتي…

تبدأ بولادة يسيرة غير عسيرة … بالحد الأدنى من حركات فمنا… بهمسة من حرف السين…. “ســـــــــــ” …. تخرج معها نفحة هواء رقيقة يرافقها صفير بالكاد يسمع، لكنه يلفتك إليه رغماً عنك… أشبه بالصوت الذي يصدر من نافذة غير محكمة الإغلاق جراء دخول الهواء من أحد أطرافها… لتنبه كل من يسمعه بمكانها حتى وإن لم يعلو صوتها… فيلتفت تجاهها سريعاً … ليصافحها بيد تغلقها لتودعها أو تفتحها لتستزيد من نسيمها العليل….

“ســلــــــــ….” ثم لام تلين لها القلوب، تخرجها لمسة خفيفة من طرف اللسان لأعلى الحلق، لتحلق بقائلها ومستقبلها إلى الألف الممدودة التي تتبعها…

“سلاااااااا…” المدة ذات الموجة الشافية، والذبذبات الباعثة للراحة والطمانينة، كالتي نكررها دوماً في إسم خالقنا حين نمده… اللــــــــــــــــــــه… نزفر معها أنفاسنا لنخرج كل ما يؤرقنا ويزعجنا ولنختم بهمهمة حرف الميم…. “ســـــلامـــــــ…” التي يرددها المتأملون لتطمئنهم وتوحد طاقاتهم مع طاقة الكون الأزلية التي خلقها لنا الله….. سبحانه ما أعظمه….

سلام… هو عنوان لحملات لردع  الظلم، تقوم في أرجاء الأرض… وفي أرجائنا…

سلام… هو ما نقضي حياتنا بحثاً عنه داخل أنفسنا وخارجها…

سلام… هي تحيتنا التي نلقيها ونرد بها على الأقارب والأغراب… “السلام عليكم…. وعليكم السلام”، وحتى إن لم يشاركونا ديننا “سلام على من إتبع الهدى”.. وحتى على أمواتنا “السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين”

سلام… نجمعها لنطمئن بها على مرضانا “سلامات”… ونؤنثها لنودع بها أحبابنا: “بالسلامة”

سلام… هي ما نعبر به عن إعجابنا: “يا سلاااااااااام”،  واستغرابنا: “يا سلام!”

سلام … هو اسم خالقنا وبارئنا “السلام”

سلام… هي آخر أربعة أحرف من ديننا…

سلام… أول ما يقال لنا عند دخولنا دار السلام (الجنة) “…. سلام عليكم، طبتم فادخلوها خالدين”

سلام … ليست مجرد كلمة عارضة نرددها أو نختلف في طريقة إستخدامها… بل هي أسلوب حياة متكامل… يبدأ من جذورنا، ويكبر معنا حتى يثمر في كلماتنا الرقيقة … ومعاملتنا الحسنة… وإبتسامتنا العذبة… وحبنا الصادق…  لله السلام ولكل ما خلق…

هي شريعة أزلية… وميثاق مقدس… تتبعه كل الأعراق والأديان… إلا أن الباري خصنا به في ديننا الذي أكمله لنا… لنعيش مسلمين.. مسالمين… ولننشرالسلام والمحبة في الأرض… لتكون رسالتنا في حياتنا… وما ينتظرنا عند لقاء خالقنا…

هي السلام

فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم … وعليكم أجمعين

تابعني هنا – Follow me here

Was it always there?

24 الأربعاء أكتوبر 2012

Posted by Noor Azzony - نور عزوني in love & unLove- حب ولاحب

≈ أضف تعليق

Was it always there? maybe it was….!

… Untouched, waiting to be unleashed… waiting to be reborn… her love was always there … deep down inside me… but what made it elevate and reach a limit beyond what I can endure!?!

Was it her sweet heavenly voice? Or was it her laugh… One that is sounds like a rhythm, orchestrated by a band of angels… Or was it that sweet innocent smile of hers…

Before I saw her, I was lost! But somehow I found myself in her…

I think I drowned when I first looked into her eyes… drowned into that hazel sea…

For a moment, I could not breathe, until my breath joined hers.

We were finally ONE…

When my lips touched hers… I could feel her heart pound… I could hear it calling my name…

The touch of her silky skin… indescribable… Too soft for words to define…

I wanted to be inside of her… to slide into her smoothly… like a finger sliding into a silk-lined glove…
But she was like a jewel… so beautiful… Yet so fragile… very eager to have her… yet very reluctant to touch her… too afraid my cruel hands might harm her …I asked myself … what was it… but could not know the answer… until my heart answered me…

It was …. Love…

تابعني هنا – Follow me here

أنا، والمسك، ومسجد تجار جدة…

22 الإثنين أكتوبر 2012

Posted by Noor Azzony - نور عزوني in Meditations - تأملات

≈ تعليق واحد

في “زاوية التجار” من مركز تجار جدة، يقع مسجد صغير بحجمه، كبير بقدره… للوهلة الأولى من دخولك إليه ينتابك شعور “ديجافوي” غريب بأنك قد زرته من قبل…مبناه الخارجي ذو التصميم العتيق، يعيدك بالتاريخ لأحياء جدة القديمة.. وإن ظننت أنني أبالغ في وصفي فسيؤكد لك كلامي المصلون فيه، الذين يتهافتون إليه لإجابة النداء، بعمائمهم الحجازية التي يرتدونها على رؤوسهم كتيجان الملوك، إلا أنها تزيد هيئتهم تواضعاً ووقاراً… فيسارعون إليه بعد الإنتهاء من تجارتهم مع البشر، ليكملوا تجارتهم مع رب البشر…

ولا يختلف خارجه عن داخله، فديكوره غير المتكلف يشعرك براحة وطمأنينة حين تتجول بناظريك في أركانه… في النهار، تشع فيه الشمس من كل زاوية لينعكس نورها على كريستالات نجفته التي تتدلى  من التجويف الداخلي لقبته، كحبات من العنب اليانعة التي تبرق  منتظرة من يقطفها…  أؤكد لك أنك حتى وإن كنت تزور المسجد للمرة الأولى، فستشعر فوراً بحميمية غريبة…

ففي صلاة الجمعة مثلاً، ينتابك شعور بأنك تعرف كل من يصلي فيه… شعور غريب لا أذكر أنه مر علي في مسجد غيره من قبل… الوجوه هناك بشوشة، ضاحكة مستبشرة، يبادرونك الإبتسامة بمجرد نظرك إليهم… خطبة الجمعة فيه أشبه بدورة تدريبية مصغرة… تكمل بعدها الصلاة التي سرعان إنتهاء  الخطيب منها، تنشأ “بتسليمته” موجة “سلام” بادئة بتسابق جل من في المسجد لمصافحته وتهنئته على الخطبة، في منظر أشبه بمشجعين يستقبلون نجماً محترفاً عاد بعد تحقيق نصر مؤزر لجمهوره… ثم تنتقل الموجة للتحول إلى تحايا وعناق بين المصلين، تعبر عن إشتياقهم لبعضهم البعض بعد مضي أسبوع على لقائهم الأخير… إلى أن ينتهي بهم الحال إلى جماعات صغيرة متفرقة يتجاذب كل من فيها أطراف الحديث ليسأل كل منهم عن أخبار الآخر…

منظر أخاذ وإحساس جميل لن تفهمه حتى تعيشه هناك…

لكن بالرغم من كل الأشياء الجميلة التي ذكرت، إلا أن كل تلك الأسباب ليست ما يربطني بهذا المسجد… قد تستغربون إن ذكرت لكم أن سر الإرتباط يكمن في الرائحة التي يعطر بها مسؤول المسجد سجاده!

فرائحة المسك التي تفوح منه، تذكرني كل أسبوع باللقاء الأخير الذي ودعت فيه والدي عليه رحمة الله وأنا في السابعة من عمري… لا زلت أذكره وهو يتوسط المجلس مستقبلاً مودعيه بإبتسامته الؤلؤية، ووجه المضيئ وعيناه المغمضتين برفق كمن يأخذ غفوة عارضة في وسط يومه المجهد… ولازالت رائحة المسك التي تفوح منه محفورة في ذاكرتي… أسترجعها في مسجد تجار جدة في كل سجدة أسجدها لله… فأذكره وأدعو له بالمغفرة والرحمة… آملاً في كل مرة أرفع فيها رأسي من السجود أن أراه جالساً بجانبي… وعائداً إلى صغري مرة اخرى، لأشعر أنني لا زلت ذلك الطفل الذي كان يمسك بيده ليصحبه معه إلى المسجد كل جمعة…

ثمة أماكن تحجز في قلوبنا “أماكن” تذكرنا بالأحباب وتربطنا بالأقارب والأصحاب… لنسأل عنهم إن غابوا، ونسعد بصحبتهم ووصلهم إن حضروا… آملين أن نترك فيهم و فيها الأثر… حتى إن حان وقت رحيلنا… ذكرونا كل ما وجدوا آثارنا …كأثر المسك في سجاد مسجد تجار جدة…

تابعني هنا – Follow me here

أبلشتونا بفيليكس حقكم!!

16 الثلاثاء أكتوبر 2012

Posted by Noor Azzony - نور عزوني in Letting Go - سلّم تسلم

≈ 2 تعليقان

“ياخي والله طفشتونا بفيليكس حقكم هذا، حتى مسلسلي المفضل على قناتي المفضلة أجلتوه عشان خمسة دقايق!!!”

“يعني إيش سوا الراجل دا، ما جاب شئ جديد!! طلع من مكان ورجع لنفس المكان!!”

“ويقولون أن فيليكس أول واحد يوصل هالإرتفاع ونسوا أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم وصل للسماء السابعة بدون أجهزة وأكسجين!”

بكل أمانة وصدق، لم أكن مهتماً بالحدث كثيراً إلا عند حصوله، فتابعته عملاً بمبدأ “مع الخيل يا شقراء” الذي لا أعرف معناه حتى اليوم… وأيضا كي لا يقول الناس في اليوم التالي “أفاااا من جدك ما شفت قفزة فيليكس؟!!!” فاضطررت رغم انفي أن أهدر وقتي الثمين في مشاهدة “النطة” التي يتحدث عنها هذا “العالم الفارغ” الذي لا يمل من إشغالنا  “بالسخافات”… ملايين الدولارات تدفع لكي يصعد رجل من الأرض إلى السماء ثم يعود إلى نفس النقطة… شئ عجيب…!!

لم تكن القناة التي تبث الحدث مبرمجة على رسيفري “الصيني” فبالتالي لم أتمكن من مشاهدته على تلفازي “التايواني” ذو الخمسين بوصة، ففضلت أن أتابعه حياً على هواء موقع اليوتيوب “الأمريكي”. المشكلة الأخرى أنني تركت لابتوبي “الماليزي” في المكتب فاضررت مرغماً أن أستخدم جوالي الكوري، الذي ربطته بشبكة الإنترنت “الغربية” التي يبثها جهاز مودم “صيني” مربوط بشبكة لاسلكية توفرها شركة إتصالات مبنية بالكامل من بنية تحتية “لا عربية”!

كم هو غريبٌ تفكير هذه الأمة التائهة… نغط في سبات الماضي العميق… ونحبط كل من يحاول الإستيقاظ أو مقاومة تيار النوم… بالرغم ـن جل ما يحيط بنا هو من إختراع وصناعة الغرب والشرق وما نحن إلا مستهلكون! لكننا مبدعون في إختلاق الأعذار والتبريرات لأنفسنا… كل ذلك كي نثبت للعالم أننا أفضل منه، حتى حينما نقارن انفسنا بالآخرين فإننا نفعل ذلك لنقلل من قدرهم وقدر إنجازاتهم!

أنا متأكد أن هناك مليارات الأصوات التي بررت لفيلكس تبريرات منطقية بأن ما ينوي فعله هو ضرب من الجنون، ومضيعة للوقت، “وشوفة حال”، وحب للظهور والكبر، و “شفلك وظيفة تستر نفسك فيها أحسنلك من الهبل دا”… إلخ. لكنه لم ينصع لأي منها! تعامل مع كل تلك الأصوات على أنها مجرد ضوضاء لا معنى لها… لم تؤثر في عزيمته سلبا، بل صنعت منه إنساناً أقوى وأثبتت له بما لا يقبل الشك أنه على الطريق الصحيح…

حين فتح بوابة الكبسولة وأخرج قدميه شعرت بالنفس ينحبس في صدري حتى…. قفز!

القفزة التي غيرت وجه العالم… القفزة التي نتفاداها كل يوم، بتخاذلنا وأعذارنا الواهية التي لا تسمن ولا تغني من جوع…

كم نحتاج إلى قفزة مثل قفزة فيليكس في حياتنا…

قفزة تخرجنا من الظلمات التي صنعناها بأيدينا…

قفزة ضد جاذبية ظلمنا لأنفسنا…

قفزة نستعيد بها مجدنا وحياتنا التي ضيعناها بين مسلسل تركي وآخر خليجي، و”ثامنة” يلوم فيها كل منا الآخر دون أن نخطو خطوة  إيجابية للأمام… بل ولا حتى سلبية نتعلم منها!

تخصصنا في التفاخر بأمجاد الماضي السحيق… والمستقبل الذي نامل ان يأتي يوماً ما…

ونسينا أن جوهر ديننا ورسالة حياتنا إعمار اﻷرض، وحتى الفضاء، وأن تتوق أنفسنا دوماً لما هو أفضل…

إن لم نقفز فسنظل نقلل من قيمة الأحداث والأشخاص بحجة أنهم ” ما جابوا جديد!”

من هو فيليكس؟!

فيليكس هو كل إنسان تتوق نفسه إلى كسر حاجز الهوان والخذلان بداخله!

هو ذلك الطفل الذي قاوم كل محاولات التحطيم من أعداء النجاح “المنطقيين”، فيخذلهم ويصبح عالماً أو مبدعاً أو موسيقاراً أو رساماً رغم كل من إستهتروا به…

فيليكس هو تلك الفتاة التي آمنت بقدراتها وكسرت الحواجز لتحصد جائزة في الإختراعات العلمية يكرمها عليها رؤساء العالم…

فيليكس هو كل من مشى عكس التيار ليثبت للعالم أنه لا حدود لقدراته التي وهبه إياها الله سبحانه… وأنه إن آمن بنفسه وحلمه فسيتحدى حتى الجاذبية!

فهل من فيليكس عربي بيننا؟!

تابعني هنا – Follow me here

انت عارف أنا مين؟!

13 السبت أكتوبر 2012

Posted by Noor Azzony - نور عزوني in Ego - إيجو

≈ 3 تعليقات

حين كنت لا أزال أعمل في القطاع الخاص في 2003، كانت إحدى مميزات عملي قرب المسافة بينه وبين المنزل، مما يعني أنني كنت أستمتع بالخروج من منزلي قبل بدء الدوام الرسمي بـثلاث دقائق دون أن أشعر بتوتر أو قلق من ساعة البصمة التي قد تقضم من راتبي قضمة يتناسب حجمها طردياً مع عدد الدقائق التي تمضي بعد الثامنة والنصف! كما أنه كان بإمكاني أن أتلذذ بغداء شهي ساخن من يد والدتي الحبيبة بعد 7 دقائق فقط من إنتهاء الدوام (7 دقائق عشان سرا البصمة والناس جيعانة!!)… ناهيك عن مشوار إستخدام الحمام في حال كانت الحمامات مشغولة أو عليها آثار أقدام جراء “دعس” أحد المسؤولين عليها ظناً منه أن “الإفرنجي” مثل “العربي” تستطيع أن تدعس عليه وتمضي دون ان “يحاسبك” أحد… أكرمكم الله!

عموماً، أن يكون مقر عملك قريبٌ من منزلك نعمة لا تستطيع أن توفي حق شكرها مهما فعلت، وخاصة إن كنت تسكن جدة. وأعتقد أنني أستطيع أن أعمم القاعدة على معظم المدن دون أن يلومني أحد، فالصباح الباكر عند الغالبية يعني الكثير من العصبية وضيق النفس، وخاصة إن سبق عملهم مشوار لتوصيل أطفالهم للمدارس. أما الخروج في نهاية الدوام فلا يختلف كثيراً: توتر وفوضى عارمة في الشوارع تعتمد نسبتها على عاملين: مستوى الجوع، وبعد المسافة.

وبالرغم من عدم تأثير العوامل السابقة على يومي بأي شكل من الأشكال للسبب الذي ذكرت آنفاً، إلا أن هناك ثمة نوع من الناس يكسرون حاجز الصمت والسمت لديك مهما كنت متماسكاً ومؤدباً!

بدأت القصة في أحد الأيام  الصيفية الحارقة أثناء إستعدادي “للفكاك” في “بريك الغداء”، خرجت بكل طمأنينة وشغلت الراديو إستعداداً للرحلة التي لم أستطع يوماً أن أكمل سماع إغنية كاملة أثنائها، وعند وصولي إلى المنزل فوجئت بسيارة تملأ موقفي الذي وضعت عليه لوحة تقول “موقف خاص شقة رقم 4”. في العادة، لا أمانع من البحث عن موقف بديل إلا أن المواقف في حيّنا كانت شحيحة والشوارع ضيقة. سألت حارس العمارة عن صاحب السيارة، فأخبرني أنه ضيف عند الجيران. نزلت من سيارتي وضغطت الجرس الإنترفون وأخبرت من رد بكل أدب و إحترام أن ضيفهم يقف مكاني. أجاب علي على عجالة “طيب طيب نازل نازل…”

عدت إلى سيارتي لأنتظر وأستظل من حر الشمس والرطوبة التي بدت كـ “ساونا” آنذاك. وبعد مضي بضع دقائق بدأ “الفار يلعب في عبي”… فنزلت لأدق الجرس ثانية و أذكره، عله نسيني. رد علي نفس الشخص، لكن هذه المرة بصوت يخرج من فم مليئ بالطعام… “…مممم … ياخي صبر صبر، مو قلنالك نازلين!”، أخبرته بنبرة إعتذار وتأنيب لنفسي أن الجو حار وأنه لا يوجد موقف آخر وإلا لما انتظرت ولا حتى طلبت منه الخروج… لكنني فوجئت انني أكلم نفسي… إذ أنه أكمل جملته وذهب…

عدت إلى سيارتي بصمت ومؤشر الغضب بدأ في الإرتفاع اعلى من حرارة “ريديتور” السيارة في فصل الصيف! لكن المكيف هدأ قليلاً من روعي، وحدثت نفسي أنه قد يكون معذوراً أو لديه ظرف منعه من النزول… أشغلت نفسي بالراديو أتنقل من محطة إلى أخرى (كان في محطتين فقط!!)

وبعد ربع ساعة… شرف المحروس… فوجئت برجل ذو وجاهة (بين قوسين “كرش”) ينزل الدرج متبختراً مرتدياً ثوباً مغربياً كعريس يخرج من منزله لأول مرة بعد أول ليلة زواج… كان يغطي وجهه بيديه ليستظل من الشمس التي جهرت نظرته الساخرة التي بادرني بها… خرجت من سيارتي وأنا أكاد أنفجر “ترى ليا ربع ساعة بأنتظر حضرتك… ولو كان في موقف تاني كنت وقفت ولا أزعجتك لكن إنت شايف الوضع”، أعاد إلي نفس النظرة، لكن هذه المرة مع إبتسامة صفراء وقهقة مصطنعة خفيفة، كالتي تخرج من فم الأشرار في أفلام الكرتون… ثم قال:

“إنتا عارف انا مين؟!”

بصارحة، لم أعرف كيف أجيب لأنني حاولت بكل خلايا عقلي أن أربط سؤاله بأي طريقة للموقف الذي يحصل الآن… فقلت بكل بلاهة “لا و الله ما اتشرفت”… فأعاد تلك القهقة مرة أخرى إنما بصوت أعلى هذه المرة ثم قال:”ترى أنا إنسان مهم في المجتمع… ومعروف كمان…”

تأكدوا تماماً انني مهما حاولت التعبير فلا أظنني سأستطيع وصف ملامح وجهي لكم في تلك اللحظة… لكنني عرفت الآن ما معنى عبارة “شعور مختلط” حينما يسألك شخص ما سؤالاً غبياً فتبادره بإجابة أغبى منه!

وقبل أن أنفجر من غضبي إستوقفني بإشارة من يده ظناً منه أنه سيهدأني وقال:”معاك الدكتور……. من جامعة الـ……”

طبعاً “دورني” بالعامية… لأنني لا أذكر ماذا قلت حينها من عبارات كتلك التي تطلقها الراقصات التي يعشن في الأزقة بحواري مصر القديمة…مثل: “نعم يا خويا…” متبوعة بشهقة ثم حركة بسبابتين مجتمعتين تارة ومتفرقتين تارة أخرى ألوح بهما يمنة و يسرة…. “ترى الدكترة ما فادتك بشئ…”

الغريب في الموضوع أنه عاملني كأنني أنا المذنب… نظر إلي بإبتسامته الساخرة مرة أخرى وربت على كتفي مرتين قائلاً
“معليش معليش…” وأعطاني ظهره وهو يكرر تلك القهقهة البلهاء التي ما زلت أسمع صداها كلما تذكرت هذا الموقف….

استخدمت هذه القصة في كثير من التدريبات التي ألقيها لأوضح الفرق بين: العلم… والوعي. ما تربينا عليه في صغرنا أن الدرجة العلمية يجب أن تنعكس على سلوك التعامل اليومي لحاملها… وأنه (هو أو هي) حينما يخطئ أو يذنب نظن أن المنصب أو المسمى سيشفع له أو يخفف عنه العقوبة… إلا أن هذا الموقف وكثير غيره، غير نظرتي تماماً!

في الحقيقة لا علاقة بين المستوى العلمي لدى الناس ومستوى الوعي… أنا متأكد أنك سبق وأن إلتقيت برجل كبير في السن، قد يكون أمياً، لكنه ناجح في تجارته و كريم في أخلاقه، بشوش ومحبوب، يستأنس الكل بقدومه… وفي المقابل، قد تكون أيضاً إلتقيت بشخصية معروفة، ذات منصب عالٍ، وحرف لماع قبل إسمه/ها، إلا أن أخلاقه وتعامله لا يكاد يزن “فصفصه” على ميزان خضار قديم عاث فيه الصدأ فساداً من كل جانب!! (أتحمست بزيادة!)

خطأنا اننا ربطنا العلم بالوعي… فنتعجب إن أخطأ هؤلاء ونستنكر عليهم قائلين… “لا لا، فلان ما يسوي كذا، هذا دكتور…” أو مهندس، أو مدير شركة، أو غني… إلخ. لكي تعيش مرتاحاً مع نفسك ومحبوباً من الآخرين عليك أن تساوي كفيتي ميزانك بقدر المستطاع… هذا لا يعني أن العلم لا يفيد وحده أو أن الوعي لا قيمة له بمفرده… أبداً… إلا أن إرتفاعهما سوياً سيؤدي بك إلى أن تكون كالحبيب المصطفى “كان خلقه القرآن”… وهو، عليه أفضل الصلاة والسلام، بالرغم من أميته في القراءة و الكتابة، إلا أنه جمع كمالي العلم والوعي…

مشكلة العلم الذي لا لم يجمع بالوعي أنه يغلب على صاحبه “الأنا العالية” … “الإيجو”… الذي يصنع فيه فوقية قاتلة… توهمه أنه محبوب ومهم وان الناس لا يستغنون عنه… إلا أنه في الواقع مكروه من كل من يقابل… معظم من يحيطون به يضطرون إلى تصنع مشاعرهم و تعابيرهم لإرضائه… وينتظرون بفارغ الصبر اللحظة التي “يفكهم من شره ويمشي”

من متضادات الحياة… أنك غن أردت شيئاً فأعمل عكسه… فإن أردت أن تدخل العظمة من أوسع أبوابها… فتأكد أن مفتاحها التواضع

وكما يقول سيدي رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم: “من تواضع لله ….رفعه”

للحديث بقية…

تابعني هنا – Follow me here

من يعيش حياتنا…

07 الأحد أكتوبر 2012

Posted by Noor Azzony - نور عزوني in Here&Now - هنا والآن

≈ 5 تعليقات

إستمع للتدوينة صوتياً “هنا“

بعد أن إنتهيت من رياضة الهرولة في ممشى كورنيش جدة، توجهت إلى البيت وأنا أتصبب عرقاً، وفور وصولي قلت في نفسي: “طالما أنها خاربة… خلينا نعميها! فقررت أن أغسل سيارتي”. وقبل أن أتكاسل وجدت نفسي أكمل رياضتي على السيارة، تناولت سطلاً وفرشاة وبعضاً من الصابون وبدأت أفرك سيارتي التي أثقل كاهلها غبار الزمان… إلتفت يميناً فإذا بسائق الجيران “الكيرلاوي” بوجهه الباسم يتجه نحوي ماداً يده ليصافحني… تركت الفرشاة وبادلته الإبتسامة وصافحتة متأسفاً لبلل يدي…

قال لي بلغته العربية الركيكة التي وضحت لي أنه حديث عهد بالسعودية: “سير أنا كلين”، رفضت معللاً أنني أود تنظيفها بنفسي…

كرر قائلاً “آي كلين، كار تو متش ديرتي”… حاولت إقناعه أنني مستمع بما أفعله… لكنه فاجأني بقوله… “إنتا مدير.. أنا ليبور” أي عامل باللغة الإنجليزية… تبسمت وضممت سبابتي إلي بعضهما البعض قائلاً “ليبور ومدير، ومدير وليبوور سيم سيم كله بشر”

تبسم إلي … فبادرته بسؤال عن موطنه… فأجابني أنه من الهند… فكرت في عبارة أرد بها عليه لأغير مزاجه وأغير صورته عنا… فقلت “إنديا بيست بيبول”… تبسم وشكرني والفرحة تغمر وجهه ولولا سمرة وجهه لأقسمت أن وجنتيه إحمرتا…

تأملت بعد أن رحل عن العبودية التي نصنعها بتعاملنا مع من نظن أنهم أقل منا شأناً… ترددت عبارته مرة أخرى في ذهني … “أنت مدير وأنا عامل”… من الذي صنع هذه الطبيقية التي نحتقر بها من سوانا  ونستعبدهم … وتحرمنا حتى من الإستمتاع بأبسط الأشياء في حياتنا … غسيل سيارتنا أو تنظيف أحواش منازلنا ليلة العيد… هي عادة ماتت كان والدي رحمه الله يمارسها بكل سعادة ومتعه… مالذي حصل لكل هذه العادات… أتذكر والدي وهو يسقي زروع بيتنا في بزوغ الفجر قبل أن يأخذني إلى المدرسة… وعندما يأتي لأخذي أنتظره بفارغ الصبر كي أحكي له عن يومي… كان يستمع لي بكل حب وإنصات… دون كلل أو ملل… ويتجاوب معي بسؤالي عن تفاصيل يومي…

لكن هذا الحال تغير، حتى مع نصفنا الآخر… فمعظم الأمهات أصبحن موظفات، ولا شئ في ذلك، إلا أنهن يحرمن أنفسهن متعة كبيرة بإعتمادهن على الخادمات لصنع وجبة الغداء والعشاء لأطفالهم الجائعين بعد رجوعهم من المدرسة… الوجبة التي قد تحوي الكثير من الطعام والفيتامينات لكنها تخلو من الحب… ليتناولوها أمام التفاز دون حوار أو حتى وعي بما فيها أو بطعمها…

يوصلهم السائقون إلى  المدارس صباحاً… و ينتظرونهم ظهراً … وأتخيل أنهم في طريق العودة إلى المنزل يحاولون بحماسة ترجمة  أحداث يومهم الشيق للسائق أو الخادمة بلغة مكسرة… يالله كم نضيع على أنفسنا من أوقات جميلة ولحظات لا تعوض…

قد أصبحنا نجري خلف أحلام وطموحات… تاركين ورائنا الحياة التي وظفنا غيرنا ليعيشها بدلاً منها… كل لحظة تمضي علينا لن تعود… هي مقدسة في تفاصيلها … بحلوها ومرها… حتى الندم عليها لن يفيدنا … طعمها الوحيد لا يكمن في مجرد الحديث عنها .. بل بعيشها لحظة بلحظة…

قد لا يكون غسيل السيارة أو تنظيف المنزل أو الطبخ أحد هواياتكم المفضلة… وقد تستعيضون عن فعلها بأنفسكم بآخرين يعملون لديكم… ولا بأس في ذلك… لكن ثمة لحظات لا نستطيع أن نسعيض عنها بأحد مهما كانت كفائتهم… لحظات تحتاج إلى حبنا وحنانا ووعينا… نفوتها على أنفسنا .. ونستأجر آخرين ليعيشوا عنا حياتنا…

يا ترى … من يعيش حياتك؟!

إستمع للتدوينة صوتياً “هنا“

تابعني هنا – Follow me here

إنضم للقائمة البريدية ليصلك جديد المدونة:

انضم مع 6٬910 مشتركين

أحدث التدوينات

  • لحظة
  • وبعدين
  • هواه
  • أربعون
  • أن تكون

الأرشيف

  • سبتمبر 2017
  • فبراير 2017
  • أكتوبر 2016
  • أغسطس 2016
  • فبراير 2016
  • ديسمبر 2015
  • سبتمبر 2015
  • يوليو 2015
  • أبريل 2015
  • مارس 2015
  • يناير 2015
  • نوفمبر 2014
  • أكتوبر 2014
  • أغسطس 2014
  • يوليو 2014
  • يونيو 2014
  • مايو 2014
  • ديسمبر 2013
  • نوفمبر 2013
  • أغسطس 2013
  • يوليو 2013
  • يونيو 2013
  • أبريل 2013
  • مارس 2013
  • يناير 2013
  • ديسمبر 2012
  • نوفمبر 2012
  • أكتوبر 2012
  • سبتمبر 2012

التصنيفات

  • Ego – إيجو
  • Here&Now – هنا والآن
  • Letting Go – سلّم تسلم
  • love & unLove- حب ولاحب
  • Meditations – تأملات
  • Uncategorized

منوعات

  • تسجيل
  • تسجيل الدخول
  • إدخالات الخلاصات Feed
  • خلاصة التعليقات
  • WordPress.com

التصنيفات

Ego - إيجو Here&Now - هنا والآن Letting Go - سلّم تسلم love & unLove- حب ولاحب Meditations - تأملات Uncategorized

إنشاء موقع على الويب أو مدونة على ووردبريس.كوم

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط: يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط. وتعني متابعتك في استخدام هذا الموقع أنك توافق على استخدام هذه الملفات.
لمعرفة المزيد من المعلومات – على غرار كيفية التحكم في ملفات تعريف الارتباط – اطّلع من هنا على: سياسة ملفات تعريف الارتباط
  • تابع متابع
    • Noor Azzony | نور عزوني
    • انضم 47 متابعون آخرين
    • ألديك حساب ووردبريس.كوم بالفعل؟ تسجيل الدخول الآن.
    • Noor Azzony | نور عزوني
    • تخصيص
    • تابع متابع
    • تسجيل
    • تسجيل الدخول
    • إبلاغ عن هذا المحتوى
    • مشاهدة الموقع في وضع "القارئ"
    • إدارة الاشتراكات
    • طي هذا الشريط
 

تحميل التعليقات...