في كل عام تتجدد زيارته، يدخل بهيئته دائمة الشباب… لا يؤثر فيه مضي سنين أو دهور، لا بشيب ولا كبر ولا تغير ملامح…
هو في عمر أهل الجنة، ثلاثيني تارة، وعشريني تارة أخرى… كل عَشر فيه بشر… يشرق ويغرب مع الأهلة والقُمر…
دائم الصمت “إلا رمزاً” “بقدر”…
سمرته “خير من ألف شهر”…
كثير التبسم بصدقه، في محياه “فرحتان””…
يأتي بالغنائم ولا يطلب الولائم، بحسبه لقيمات “تقمن صلبه”، ولو كان من الأسودان فخير وكفى…
متواضع الثياب لا يجرها خلفه خيلاء…
خفيف الظل، يفرح القلوب ويشرح الصدور … هو رسول من الرب الواحد المعبود…
“رمضان” اسمه وسره في وصفه: “رمض … الآن”
تشتد بزيارته حرارة “الآن”… ليذكرنا بالعودة من بادية “الوقت” الجافة… إلى “حاضرة” اللحظة الرطبة…
التي تفيض فيها الواحات الإلهية… وتنبع منها العيون السرمدية… فتحولنا من ثرثارين مُناجِين… إلى صامتين مُناجَيَّن…
فترتوي الأرواح الظمأى من إكسير “عطش الجسد”… لتذكرنا أن طعامنا وشرابنا هو “أبيت يطعمني ربي ويسقين”…
من تواضعه لا تقوى على مجالسته… فلا تملك إلا أن “تكونه”… وطريقك بأن “تصومه”…
إن قدَّرك ربه على “صومه” فهو “له”…
وإن قدرت أنت عليه، “فصيامه” عليك…
ولا يكون “له” إلا إن كنته، فكان لك… فأهديته “إليه”…
إن أردت فيه الغفران… فاحستب بالإيمان…
وإن أردت منه الخلد والجنان… فعليك بطرق “الريان”…
أما إن أردت وجه الرحمن… فتجرد من كل ما كان… وأنذُر الصمت دون الحديث لإنسان…