Noor Azzony | نور عزوني

~ Alchemist | Spiritual Guide | Teacher | Writer

Noor Azzony | نور عزوني

Monthly Archives: أفريل 2013

مت قبل أن تموت

30 الثلاثاء أفريل 2013

Posted by Noor Azzony - نور عزوني in Here&Now - هنا والآن, Letting Go - سلّم تسلم

≈ 8 تعليقات

“يا ترى عزاء من هذا؟!”

تفكرت في داخلي و أنا أمر أمام تيازير عزاء قد نصبت وسجادات حمراء قد فرشت وكأنها سجادة في إحدى حفلات توزيع الجوائز على المشاهير. وفي الليلة ذاتها جائني إتصال من صديق لي في وقت متأخر غير معتاد، ليبلغني بوفاة زميلة لنا، وليصف لي مكان العزاء فيكون نفس المكان الذي مررت به آنفاً.

جهزت نفسي في الليلة التالية لأداء مراسم العزاء على الفقيدة، لأواسيهم بقدر المستطاع بكلمات لا تسمن ولا تغني من جوع، فأمامهم الكثير من الذكريات والمواقف التي خلدتها الذاكرة في عقولهم عليهم أن يتحرروا منها حتى يهدأ ألم الفقد ولو بقدر قليل.

ولعدة أيام متتالية، تهاوت علي أخبار الوفاة، فتارة والدة صديقي التي عانت قبل أن يتغمدها الرحمن بلطفه ورحمته، وتارة زميلتنا الطموحة التي طارت من جدة إلى الرياض لإستقبال وظيفتها الجديدة لتفاجأ أن الموت كان ينتظرها قبل العمل، وتارة أخرى شاب عشريني حالم عضو في فرقة إبداعية يلقى حتفه إثر حادث مريع. تسائلت حينها عن عدد من يتوفاههم الله في اليوم والليلة، ووصلت إلى أن الموت لا يتوقف أبداً! فهو مستمر لا يفتئ يقطف ثمرة عمر من يستهدف دون كلل أو ملل، غير آبه لا بسنه ولا بصحته أو عضلاته المفتولة ولا حتى بشيبته اللامعه، فمقياسه مختلف تماماً عما نعتقد. هو موجود دوماً معنا، مترقب لنا في مكان وزمان و “بسيناريو محبوك” لا يعلمه إلا العليم سبحانه، لكن الدنيا تنسينا وجوده بمشاغلها، ولم أعد متأكداً إن كان ذلك النسيان نعمة أو نقمة.

1

“قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم، ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون” – الجمعة (8)

الموت الذي نهرب منه ” كحمر مستنفرة، فرت من قسورة”، ونخافه دون أن نعلم سبب ذلك الخوف، هو هاجس يزور البعض بإستمرار ليؤرق منامهم، وآخرون لا يأبهون به بتاتاً لإنشغالهم بالدنيا وأحوالها. أما البعض الآخر فتراهم متأهبين ينتظرونه في كل لحظة، كمن يترقب ضيفاً قد يأتي “على غفلة” ليطرق الباب وكأن لسان حاله يقول “يا بخت من زار وخفف”، ليرحل ومعه الأمانة التي جاء من أجلها دون أن يبيت أو حتى يأكل عند مضيفه.

قضيت تلك الليلة، وصباح اليوم التالي أتفكر في سبب خوفنا من الموت، أيكمن بسبب يا ترى في البرمجة التي حشيت بها أذهاننا عن السكرات والعقاب والعذاب والمعاناة التي تسبقه؟ أم أنه بسبب الصور التي يبثها لنا الإعلام عن ذلك الشبح الذي يرتدي رداءً أسود تشع من ظلمته عينين لامعتين تبث الشرر، يكشر عن أنيابه وهو يحمل فأسه المدبب الذي يحصد به أرواح من يلقى في طريقه؟ أم أنه….

“واو يا بابا شوف هذي الخيمة الجميلة، شكلهم مسووين حفلة حلوووووووة!” إخترقت عبارة إبنتي صبا حاجز الصمت أثناء مرورنا ببيت العزاء، لتقطع حواري مع نفسي وتصدمني برؤية جديدة عن الموت!

أهو فعلاً حفلة وداع؟!

هل ترانا أسأنا الظن بالموت؟

هل خوفنا منه سببه ما جبلنا عليه من خوف من المجهول؟

أيقنت بعدها أن الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم، لم يقصد أن يكدر علينا عيشنا أو أن ينكد علينا يومنا حين قال: “أكثروا من ذكر هادم اللذات” حاشاه!

الإكثار من ذكر الموت يخرجنا من غرقنا في لذات الدنيا وسعادتها، ليعيدنا لعيش اللحظة “هنا والآن” بكل فيها من نعم وبركة، فننتقل بذلك إلى مرحلة أعلى: بهجة روحية، نقدر فيها كل ما حولنا من نعم الله وأفضاله، ونترقب لقائه، تاركين التعلق بالمستقبل والخوف منه، والتشبث بالماضي والحزن عليه، مقررين بذلك بدء حياة جديدة بكل ما تحويه الكلمة من معنى.

يقول مولانا جلال الدين الرومي: “مت قبل أن تموت”، كم نحن بحاجة إلى أن نعي تلك العبارة! فبعد قرارنا الواعي بقتل الماضي والمستقبل في حياتنا، يحين موعد ولادتنا من جديد لنحتضن اللحظة بكل تفاصيلها. حينها فقط، يكون الموت حفلة وداع جميلة، يجتمع فيها الأقارب والأحباب والأصحاب، ليدعوا لنا و يودعونا وداعاً مؤقتاً، حتى نلتقي بهم مرة أخرى عند مليك مقتدر. “غداً نلقى الأحبة، محمداً وصحبه”

حين يشاء الله أن نفقد شخصاً عزيزاً على قلوبنا وتحين نهايته، علينا أن نتذكر حينها أن النهايات ما هي إلا بدايات جديدة لنا ولهم. فالموت ليس “المثوى الأخير” كما نظن ونردد، بل هو مجرد إعلان بإنتهاء مرحلة والدخول في أخرى جديدة!

قرر أن تموت قبل أن تموت، وإستقبل الحياة بقلب لا يعرف الحزن أو الخوف. عش بالإيمان والتوكل على الرحمن، ولا تنسى الدعاء لمن سبقونا بالرحمة والمغفرة… موقنين أنهم حتماً في مكان أفضل.

دمتم بحب

تابعني هنا – Follow me here

أخلاقيات الحمام…

24 الأربعاء أفريل 2013

Posted by Noor Azzony - نور عزوني in love & unLove- حب ولاحب, Meditations - تأملات

≈ 2 تعليقان

إعتدت أنا وإبنتي صبا منذ عدة أشهر أن نزور إحدى مواقف السيارات الفارغة صباحاً قبل الذهاب الى المدرسة بغرض إطعام الحمام. فكما يكتظ ذلك الموقف بالمتسوقين من البشر مساءً، تكاد لا ترى مكاناً تقف فيه صباحاً من متسوقي الحمام الذين غدوا من أعشاشهم خماصاً ليعودوا إليها بطاناً. لكننا، أنا وصبا، لسنا الوحيدين، فقد سخر الله لتلك الحمامات رزقاً من حيث لا يعلمون. فهناك من تخصص بوضع آنيات بلاستيكية على حافة الرصيف، ليأتي ويملأها بالماء في كل فجر. وهناك من يجمع ما فاض من نعم أهل بيته ليلاً فيجمعه ويطعمه للطيور وهو في طريقه إلى عمله. تسخير رباني نابع من توكل تلك الحمامات التام على ربها ليرزقها، سبحانه ما أكرمه.

الحمام يعيش في سلام داخلي تام، وفي حالة تأمل دائمة، لا يفتئ يكرر هديله دون كلل أو ملل، كعباد الهيمالايا الذين يكررون “مانترات” ليصلوا إلى معنى الروح. إن راقبته لفترة لرأيت العجب العجاب، ولبدأت بفهم بعضٍ من لغته وحركاته شيئاً فشيئاً. فالرقصات التي تكررها ذكورها وهي تدور في دوائر لغرض الإستعراض لجذب إنتباه الإناث الحييات، الاتي يتصنعن بالثقل البرئ وكأن لسان حالهن يقول “موافئه يا بابا موافئة!”. أو حركة نفشة الريش التي تقوم بها حين تشعر بتهديد قادم، كقط جائع يتربص بها أو سيارة قادمة عن بعد حتى تأخذ كل من في المجموعة حذرها. سبحانك من خالق ما أعظمك!

IMG_20130219_081900

إلا أن ما جذب إنتباهي من بين كل ما ذكرت، هو وجه الشبه بيننا وبين الحمام! لا، لا أقصد الطيران أو الأكل والشرب أو حتى المغازلة! بل ما أقصده هو قابلية البرمجة! فما لاحظته أن الحمام يتبرمج ويتكيف مع أخلاقيات الشعوب، وما هو إلا إنعكاس لما في داخل كل واحد منا.

لا زلت أذكر حين سافرت أنا وزوجتي لقضاء شهر العسل في إحدى بلاد أوروبا مرورنا بإحدى الساحات التي تمتلئ بالحمام الذين (ولشدة إستغرابي حينها) لا يهربون من البشر! بل إن لديهم الجرأة الكافية ليتقربوا منهم لدرجة أنهم يأكلون من أيديهم ولا يمانعون من أن يُربت عليهم كحيوان منزلي أليف أو حتى أن تحمله وتضعهم على كتفك كقرصان عاد للتو من رحلة بحرية غنم منها ما غنم. لكن إستغرابي زال حين لمحت عائلة عربية معهم طفل صغير في الثالثة أو الرابعة من عمره، يركض صارخاً نحو الحمام ليخيفهم، ليفاجئ أن مخططه لن ينجح هنا، وليعود لأهله وقد غطت وجهه علامات خيبة الأمل، والحمام ينظر إلى بعضه البعض بإستغراب ودون حراك، كأنه يقول: “سلامات يا أبو الشباب، وش تحس فيه؟!” وأخريات تفهمن الوضع وهن يهدلن لبعضهن البعض “عادي لا تاخذوا عليه، شكله جديد هنا!” (طبعاً كل ذلك بالإيطالي، بس هذي مجرد ترجمة.)

حين خلق الله الكائنات، ونحن منهم، خلقهم بحب تام لكل ما هو موجود، إلا أننا إستبدلنا ذلك الحب بالخوف، لنخاف ونخيف كل من حولنا! وأطلقنا عليه مسميات وعبارات نعلل لأنفسنا وأطفالنا أفعالنا الشنيعة:

“لااااا ولدي ما بيخوف الحمام، بس بيلعب معاهم بالحجار والنبله!”

“ترى مو قصده يخوفهم، هو بس بيلعب معاهم طيرة!”

أما كبارنا فلسان حالهم يقول: “يا عمي لا تسويلي فيها حقوق الحيوان، أصلاً الحمام ما ينفع إلا محشي!”

إلا أنني أكاد أجزم أن الأوربيين أيضاً يأكلون الحمام المحشي، بل ويأكلون الخرفان والبقر والدجاج و الأرانب وكائنات أخرى أغرب مما إعتدنا على أكله. إلا أنهم لا يتعاملون معهم بقانون الغاب وهم أحياء.

سبب تقرب الحمام وعدم خوفه منهم، ما هو إلا إنعكاس لما في داخلهم من حب، وسبب هروب الحمام ووجله منا، ما هو إلا إنعكاس لما في داخلنا من خوف.

في المرة التالية التي ترى فيها حمام (أو أي حيوان أليف) على الكورنيش، أو على حافة الطريق أو في موقف سيارات، راقب فعلك وفعل من حولك من الأطفال والكبار. لأن ما سيصدر منهم من تصرف “حمائمي” ما هو إلا إنعكاس لما في ذلك الشخص حتى وإن لم يتفوه به…

وصدق من قال: من حمامهم… ستعرف أخلاقهم!

دمتم بحب

تابعني هنا – Follow me here

إنضم للقائمة البريدية ليصلك جديد المدونة:

انضم مع 6٬910 مشتركين

أحدث التدوينات

  • لحظة
  • وبعدين
  • هواه
  • أربعون
  • أن تكون

الأرشيف

  • سبتمبر 2017
  • فيفري 2017
  • أكتوبر 2016
  • أوت 2016
  • فيفري 2016
  • ديسمبر 2015
  • سبتمبر 2015
  • جويلية 2015
  • أفريل 2015
  • مارس 2015
  • جانفي 2015
  • نوفمبر 2014
  • أكتوبر 2014
  • أوت 2014
  • جويلية 2014
  • جوان 2014
  • ماي 2014
  • ديسمبر 2013
  • نوفمبر 2013
  • أوت 2013
  • جويلية 2013
  • جوان 2013
  • أفريل 2013
  • مارس 2013
  • جانفي 2013
  • ديسمبر 2012
  • نوفمبر 2012
  • أكتوبر 2012
  • سبتمبر 2012

التصنيفات

  • Ego – إيجو
  • Here&Now – هنا والآن
  • Letting Go – سلّم تسلم
  • love & unLove- حب ولاحب
  • Meditations – تأملات
  • Uncategorized

منوعات

  • تسجيل
  • تسجيل الدخول
  • إدخالات الخلاصات Feed
  • خلاصة التعليقات
  • WordPress.com

التصنيفات

Ego - إيجو Here&Now - هنا والآن Letting Go - سلّم تسلم love & unLove- حب ولاحب Meditations - تأملات Uncategorized

إنشاء موقع على الويب أو مدونة على ووردبريس.كوم

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط: يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط. وتعني متابعتك في استخدام هذا الموقع أنك توافق على استخدام هذه الملفات.
لمعرفة المزيد من المعلومات – على غرار كيفية التحكم في ملفات تعريف الارتباط – اطّلع من هنا على: سياسة ملفات تعريف الارتباط
  • تابع متابع
    • Noor Azzony | نور عزوني
    • انضم 47 متابعون آخرين
    • ألديك حساب ووردبريس.كوم بالفعل؟ تسجيل الدخول الآن.
    • Noor Azzony | نور عزوني
    • تخصيص
    • تابع متابع
    • تسجيل
    • تسجيل الدخول
    • إبلاغ عن هذا المحتوى
    • مشاهدة الموقع في وضع "القارئ"
    • إدارة الاشتراكات
    • طي هذا الشريط
 

تحميل التعليقات...