رسالة وصلتني تبشرني بنجاحه بنسبة تجاوزت ال٩٩٪ بكسور، وأخرى دعوة لحضور يوم ميلاد فلان “السادس والعشرين”، وثالثة تدعوني للمشاركة في اليوم “السابع” لمولودته الجديدة… نخطط أن نسافر في اليوم الخامس عشر من شهر ما، ونحدد أهدافاً لجمع “رقم” من الآلاف أو الملايين لشراء سيارة أو بيت “العمر”، الذي هو في كنهه رقم!
أرقام تحيط بنا وتغلفنا من أعلى رؤوسنا لأخمص أقدامنا…
تبدأ معنا منذ ولادتنا (أو ربما قبل ذلك بكثير!) لتعيش معنا فتحدد مسيرة حياة كل واحد منا…
خلقها الله لنستخدمها كأدوات نرتب بها حيواتنا، لكنها صارت هي ما يتحكم فينا وفي كل تفاصيلنا!
لك رقم هوية يحدد من تكون، جنسيتك ولونك، ولك رقم ملف في مستشفى يؤرخ علتك، بل وحتى يضع توقعاً مستقبلياً غيبياً لما قد يحدث لك.
ورقم لجوالك الذي لا يلبث حتى يكون “أنت”…
إحصائات تحدد عدد الإصابات بمرض عضال، أو عدد وفيات إثر حادث تفجير مريع… تذكرها المذيعة بسرد عجيب، ناسية بأن الواحد منهم “كان” راع ومسؤول عن رعيته! حين ذهب، تشتت شمل عائلة بأكملها، وقتلت أحد الأنفس “التي حرم الله قتلها”، وتيتمت عائلة بأكملها بعد أن ذهب راحلهم بغير عودة.
المشكلة ليست في الأرقام التي تحيط بنا… المشكلة تكمن في المعاني التي آخيناها معها، والإرتباط الذي ربطنا أنفسنا معها به حتى أصبحت هي ذاتها “حياتنا”.
فتحولنا من ذوات متصلة إلى أرقام منفصلة، حتى و إن بدى ظاهراً وحدتنا!
فكلٌ منا يرى أنه الواحد الذي لم يخلق مثله قط! ويرى أنه “أفعل” من غيره… أفضل، أجمل، أغنى، أذكى….
فتتحول رؤيته الواهمة تلك إلى سبب في إنفصاله….
الرقم الوحيد الذي إن إرتبطنا بها وصلنا إلى الكمال الذي ننشد، هو “الواحد”!
“وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم”
هو الرقم الوحيد الذي إن عدنا إليه “كنا”، وخرجنا من كوننا إحصائات تتوه في خليط الأرقام… إلى “واحدات” ينظر إلينا بعينه سبحانه، كلٌ على حده…
إن عدنا للإرتباط به كسرنا الإرتباط بكل رقم سواه…
وأدركنا وقدّرنا “واحد” كل منا…
“يا أيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة..”
لتعود الأمة مرة أخرى “كالجسد الواحد”
دمتم بحب… واحد
تابعني هنا – Follow me here