تواجهنا في حياتنا اليومية أمور تحيرنا… نجد أنفسنا في وسط معضلة تضطرنا لأن نختار بين أمرين، أحلاهما مر… والأصعب من ذلك كله أن يكون كلا الأمران حلو!

فيحصل الصدام بين القلب والعقل: القلب يعلم يقيناً… والعقل يفكر ويمنطق ويبرر.. وأنت تقف بينهما “مفارعاً” تحاول تلافي إحتدام الصراع… فتستشير صديقاً لك، فينصحك بالإستخارة…

تتوضأ لتصلي ركعتين وتدعو بعدها بالدعاء المعروف… لكن بلا جدوى!

تزداد الحيرة بعدها… وحين تختار الخيار المنطقي الذي كنت “تظنه” صحيحاً … تفاجأ “ببلاوي” تتقاذفف عليك من كل حدب وصوب… فتهرب من الموقف بأقرب مخرج طوارئ لك: اللوم!

فترمي لومك على الظروف وعلى الأحداث ثم على الله تعالى، مبرراً خياراتك الخاطئة بمقولة لا طعم فيها ولا قناعة: “ياخي خيرة!” مقولة بتنا نكررها حتى أصبحت أغنيات طربية: “خيرة…!! وشلون خيرة من بعد فرقى؟ لا تقول خيره، خيبة كبيرة!!” فتنسينا قوله سبحانه: (ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك)

181168_437977659607405_299168255_n

 كيف نفسر ما حصل… هل كانت خياراتنا حقاً خيرة أم خيبة كبيرة كما يقول الشاعر الحزين! ويا ترى مالعنصر المحدد لنوعيتها؟

لنأخد الخيرة خطوة بخطوة. نستعد بالوضوء ونتم الوارد بركعتين ندعو بعدها بالدعاء المعروف، الذي نعلمه ونعمل به، إلا أن عنصراً هاماً ينقصنا فيه كي يتحقق… فلنتأمل كلماته الواحدة تلو الآخرى ونستشعرها لنعلم ما ينقصنا:

“اللهم إني أستخيرك بعلمك”: أي لا علم لي يا الله.. فقد أوكلت إليك عقلي فلا أفكر به… لتفكر أنت عني…

“وأستقدرك بقدرتك”: فلا مقدرة لعبدك الضعيف… ولا يملك الوسائل التي تقدره على الوصول إلى هدفه أو حتى إختياره… فوكلت جسدك بكل قدرته وقوته التي آتاك إياها الله، له سبحانه…

“وأسألك من فضلك”: حينما نأكل … نترك فضلة الطعام لغيرنا… فما اكلناه ما هو إلا فضل الله علينا “ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء”… فأوكلت إليه سبحانه كل ما تملك من ملكه… لتتخلى له عنه…

ثم تؤكد القول: فإنك تعلم ولا أعلم… وتقدر ولا أقدر… وأنت علام الغيوب… أي تعلم كل الإحتمالات بمخارجها ومداخلها… وحلوها ومرها… فقد أوكلت أمري لك يا الله…

وبعد هذا التوكل والإستسلام التام… تكمل الدعاء ثم تطلب حاجتك… وكيف لا يجيبك الله!!!

يقول الله تعالى: (وعلى الله فليتوكل المتوكلون) ولم يقل وعلى الله فليتوكل الناس.. أو المسلمون… أو المؤمنون… دليل على أنه سبحانه قد يتوكل عليه المتوكلون… وغير المتوكلين…أو “المتواكلون”!

الفرق بين التوكل… والتواكل … “ألف”، تلك الألف هي “أ” نا.. و “أ” نت… فأنت الذي فضلك الله على كل مخلوقاته… بنعمة القلب والعقل… بأن تصبح مخيراً… لتختار التوكل على الله.. أو التواكل على نفسك وعلى كل ما غيره سبحانه…

في الحديث الذي يرويه سيدنا عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير … تغدو خماصاً وتعود بطاناً”

حينما تكون متواكلاً… فستقع فيما أسماها الشاعر المكلوب “الخيبة الكبيرة”… وحينما تكون متوكلاً … فأنت في حالة خيرة داااائمة… فأيهما تختار؟

تابعني هنا – Follow me here