أثناء مراجعتي لإحدى الدوائر الحكومية في مدينة جدة لمتابعة معاملة “عالقة”… أبت أن تتم بالرغم من محاولاتي “المستميتة” لإتمامها… تنقلت فيها من موظف لآخر… ليحيلني كل منهم إلى زميله لأعاد إلى نفس الشخص مرارا… ليتخلص مني الأول بقوله “ياخي راجع الموقع الإلكتروني تلاقي فيه كل شي وبعدين تعال”

بدت علامات الإمتعاض على وجهي ولم أتمالكها حين هتفت بنبرة حادة “وإنت إيش وظيفتك هنا… مو المفروض الدولة حاطتك عشان تخدم المواطنين!!!!”

أطلقت تلك العبارة وأدرت وجهي لأخرج من ذلك المكان “التعيس” كما عنونته بعد أن فقدت الأمل في إنجاز ما أتيت من أجله…

جلست بعدها في أحدى صالات الإنتظار أحاول تهدئة نفسي بعد أن قررت أن آخذ بنصيحة ذلك الأخير…

شغلت هاتفي المحمول لأتأكد مما علي فعله من موقعهم الإلكتروني ..وبعد عدة دقائق ظهرت الرسالة التالية على المتصفح:

chrome-offline وقبل أن أزمجر بغضب من كل ما يجري… تفضل الله علي بأن أفهمت الرسالة…

نعم صحيح… أنا أوفلاين!
بل وديناصور منقرض أيضاً…. وكل ما أحتاجه كي أعرف ما علي فعله هو مراجعة “الموقع”

تمر علينا الكثير من الأوقات التي نجد فيها أنفسنا منفصلين عن كل ماحولنا، بل وعن ذواتنا…

منفصلين عن الخلافة التي أتينا إلى هنا من أجل تحقيقها… فنبدأ حينها بلوم الظروف والأحداث والأشخاص … ناسين أن المسبب في فقد الإتصال هو نحن!

فنعيش جزءاً كبيراً من حيواتنا كأجهزة محمول خلت من شريحة…. جسد بلا روح… ذاكرة كبيرة، بل وقابلة للزيادة والتمدد… إلا آنها لا تحوي إلا “تقويم” توقعات عن ما قد يحث في المستقبل… و”صور” من ذكريات الماضي…

نستطيع بإيماءة من أصابعنا أن نحركها… لنتنقل بين صور طفولتنا وأحبائنا… لكن عبثاً نحاول أن نتصل بهم….

والسر ليس في ذلك “الجسد”… الذي نبدله كل سنتين أو أقل…

ولا يكمن السر حتى في تلك “البطارية” التي نستطيع شحنها بطعام وشراب مما لذ وطاب… ونوم هانئ على سرير وفير…

السر في تلك الشريحة الصغيرة: “المضغة”… التي تحوي نفخة الطاقة الإلهية … طاقة الإتصال بالمصدر…

طاقة لا تنتهي حتى وإن هرم الجسد… أو مات…

طاقة أزلية سرمدية… يتحول من خلالها كل عسير… ليصبح سهلاً يسير…

طاقة إن إتصلنا بها نتحول من مجرد أجساد نعيش الحياة بملذاتها… إلى أرواح نحياها ببهجاتها…

طاقة فيها الفرق الذي يصنع الفرق… بين أن نكون “أوفلاين” أو نكون “أونلاين”

بين أن نكون منفصلين أو نكون متصلين…

إن تم الإتصال… صارت الحياة تتم “من خلالنا” بدلاً من أن تتم “بنا”…

وأصبحنا في حالة خيرة دائمة… نتنقل “تلقائيا” بها من شبكة تخيير فيه السهل و العسير…

إلى شبكة تسيير ليس فيه إلا التيسير…

دمتم بحب… وصلة

تابعني هنا – Follow me here