تجتاح حياتنا أحياناً مواقف نشعر فيها بالإختناق، وكأننا نصّعد في السماء… نبحث فيها عن حلول خارج الصندوق وداخله وحتى على جدرانه، إلا أننا لا نرى شيئاً يلوح في الأفق… نلجأ للمشورة العقلانية، فلا نجد فيها الجواب الكافي ولا الحل الشافي، وكأنك في “موقفك” ذاك قد أغلقت عليك ألف سيارة وسيارة، تركها سائقوها دون أن يلقوا لك بالاً، لتحاول الخروج بشتى الطرق، لكن هيهات! فلن يخلصك من موقفك إلا “معجزة”!

في اليوم والليلة نشهد ونسمع عن عشرات المواقف… أحداث عجيبة غريبة، خرج منها أصحابها بطرق غير متوقعة لا تخطر عل بال بشر، لو قدر لنا أن نقوم بترتيبها بأنفسنا لما أستطعنا حبكها كما حصلت… ولشدة غرابتها أطلقنا عليها كلمة “معجزة”.

فلان نجى من حادث مروع، بعد أن لقي كل من فيه حتفهم… معجزة!

واخرى ولدتها أمها سليمة بعد أن أكد الأطباء أنها لن تكمل حياتها… معجزة!

وثالثٌ سقط من الدور السابع ليقوم دون أن يصيبه أدنى مكروه…معجزة!

لكن يا ترى ما المعجزة؟ هل هي محصورة في وقوعها عند الضرورات والحاجات؟! وهل هي خاصة تجري على يد الصالحين أو النبين والمرسلين، أم أنها عامة لكل بني البشر؟ هل على المعجزات أن تخرق قوانين العقل والمنطق أو الفيزياء حتى تسحق أن نطلق عليها هذا المسمى؟! أم أن نظرتنا القاصرة لها هي ما جعلتنا نراها كذلك؟!

لو تأملنا للحظة قوله تعالى: “وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم أفلا تبصرون” لأدركنا أننا أسأنا التقدير!!

فأنت، ببصرك وسمعك وحسك وذوقك وأنفاسك وجمالك، وكل خلقك، حتى ما قد تراه عيوباً… معجزة!

حياتك، بأشكالها وألوانها وترتيباتها وظروفها وحتى عشوائياتها التي قد تبدو لك… معجزة!

بيتك وأسرتك، قصة ولادتك وزواجك، سيارتك وعملك، تفكيرك وتخيلك… معجزة!

newborn5

الأفلاك والأكوان، الكواكب والنجوم، السموات والأرضين، الهواء والماء واليابسة وكل ما يسكن فيها من ماشٍ وزاحف وطائر وسابح وما لا نعلم عنه بعد… كل تلك معجزات!

عيشنا الدائم في نطاق راحتنا، وتقبلنا لتأثير البرمجة ممن حولنا جعلنا نعتاد رؤية “المعجزات”، حتى باتت أشياء طبيعية لا نقدرها ولا نلقي لها بالاً. فنعيش لحظات حياتنا متأففين، مكدرين، غير ممتنين، لإعتبارنا أنها أمور إعتيادية مفروغ من وجودها!

إن كنت لا تزال تصّبر نفسك بإنتظار وقوع معجزة تخلصك مما أنت فيه، وتفك قيودك التي قيدتها لنفسك، فتوقف لبرهة وتأمل كل ما حولك… وأعلم أن الحياة التي خلقها المولى الكريم وسخرها لك، بكل ما ومن فيها، هي معجزة…

وتذكر أنك أنت… معجزة الله في الكون…

دمتم بحب