الخوف…
شعور غريب … يصاحبه قشعريرة يقف لها شعر البدن حيرةً، ويتعرق الجسد حتى إن تجمد الجو… نتلفت أثنائة بإرتباك يمنة ويسرة، وتنتابنا تأتأة في الكلام، وبحلقة في العينين مع إصفرار وشحوب يغشى قسمات وجهنا حتى نكاد لا نُعرف…
واجهه الكثيرون، وفرّ منه الآخرون، وتكلم عن دروسه وعبره المتفلسفون… إحساس يزورنا بين الفينة والأخرى، تسببه ذكريات من الماضي أو توقعات عن المستقبل، تؤرق مناماتنا، وتحيل أيامنا إلى “كوابيس يقظه”… يتركنا في حيرة في طريقة تعاملنا معه…
أنقف أمامه وجهاً لوجه؟ أم ندفن رؤوسنا في التراب مثل النعام منتظرين مروره بسلام وآملين أن لا يعود إلينا ثانية؟
يا ترى لم يأتينا؟ ليعلّمنا؟ أم ليسجننا؟ أم هل عساه يزورنا ليحررنا؟
الخوف الذي وصف بأوصاف كثيرة أحيانا تكون متناقضة: معيق، معطل، آمن، حامي… إن تأملته لبرهرة لأدركت أنه في عمقه، ما هو إلا “فكرة!”، فكرة لا علاقة لها بما تخاف منه!
فالقطة مثلاً، قد تكون حيواناً أليفاً عند أحدهم، أو فوبيا مرعبة يراها آخرٌ وحشاً كاسراً، يقفز إن التقاها برهبة ليتشبث بأي شئ حوله محتمياً من ذلك الغضنفر الذي يزأر: “ميااااو!”.
قد يقول البعض، “والله معاه حق، في أحد ما يخاف من بسه!” وقد يقول البعض الآخير: “حرااااام، والله يا ناااس مرررة كيييوت!”
ولو تفكرت للحظة لوجدت أن الخوف من كائن “جميل لطيف” كالقطة مثلاً هو أمر لا يبدو منطقياً! فالقطة ذاتها بشحمها ولحمها لا تخيف! إنما ما يخيف هو “فكرة” مخزنة في أدمغة بعضنا عن موقف خاف فيه من قطة ما (ليست بالضرورة نفس القطة!) ثم تم تعميمه على كل قطط العالم التي تراها!
وكذلك هو الحال مع الإرتفاعات أو المنخفضات أو الأماكن المغلقة أو المفتوحة، فتارة تكون تجربة جميلة تتحرك معها المشاعر، وتارة أخرى تكون أسوأ كابوس عند آخرين… “وعد وأغلط” من “الفوبيات” مختلفة الأنواع مثل: فوبيا المال، والطعام، والملابس، والشمس… والقائمة لا تنتهي.
الخوف الذي يقلقنا ما هو إلا وهم! انشئ في أدمغتنا جراء “فكرة” من موقف ما حصل لنا في وقت سابق… هو في واقعه، ليس “واقيعاً”! يزول بزوال الفكرة المرتبطة به…
طريقة تعاملنا معه هي ما يحدد سجننا به أو حريتنا منه… والسؤال المهم هو: كيف نتعامل معه؟! كيف نكسر الإرتباط “بفكرة الخوف” تلك؟
يقول المصطفى العدنان عليه أفضل الصلاة والسلام: “من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة”
من خاف “أفعل”… من خاف “أخذ أكشن”… من خاف واجه خوفه و”تحرك”، لم يقف ساكناً متسمراً ينتظر “الأكشن” من الآخرين! وفور تحركه فإنه حتماً سينال سلعته التي ينشد ومراده الذي يقصد، دنيوياً كان أو أخروياً.
هو درس لا يقدر بثمن في التعامل مع الخوف وفك الإرتباط به… درس يكسر كل البرمجة السابقة من المقولات التي حشيت بها أذهاننا:
“أمشي جنب الحيط توصل!”
“من خاف…سلم!”
والكثير الكثير من المقولات التي أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية، بل ومن المبادئ التي نعيش بها و نربي عليها أبنائنا… كررناها حتى بات الخوف محركاً أساسياً لحياتنا… فأصبحت أحلامنا وآمالنا بعيدة المنال عنا، يفصل بيننا وبينها حاجز وهمي خفي، يحرمنا لذة الإنجاز وحلاوة الإيمان بذواتنا وقدراتنا…
من خااف لم يسلم! من خاف أظلم، وانطفئ نوره وضاعت حياته…
عند تعرضك لموقف تشعر بالخوف فيه، سل نفسك:
مالفكرة التي أخافها؟
وما سبب خوفي منها؟
ثم “أَدلٍج” بالطريقة التي تراها مناسبة لذلك الموقف… وإن فعلت، كسرت قيدك وحررت نفسك للأبد!
الخوف شاطئ إن فهمناه وتأملناه أدركنا أن على ضفته الأخرى سنجد حريتنا…
يقول رالف والدو إميرسون: “إن فعلت ما تخاف، فثق أن موت الخوف شئ مؤكد!”
دمتم بحب
تابعني هنا – Follow me here
حديث أدلج حديث عجيب!!!
يقول من خاف أدلج اي سار اول الليل.
طيب هل الخوف من الظلام ام من عدم الوصول.
في كلا الحالتين مجرد التفكير في المشي اول الليل يجعلك عرضة أكثر للضياع وكذلك للتعرض لمخاوف أكبر مثل ظلام دامس لمدة أطول او حيوانات او دواب ليلية.
وجميعها مخاوف وحلها الوحيد هو المسير ليلا وعدم انتظار نور الشمس!!! قمة التناقض؟؟!!
والجواب! لان من أراد التميز ونيل الغالي عليه ان يكون متميزا ويخالف ما اعتاد الناس عليه مثل انتظار السير حتى الصبح او آخر الليل على افضل احتمال.
مجرد التفكير في الادلاج هو اقتحام لجميع المخاوف ومواجهتها وعدم التفكير في الخلود للنوم لان صاحب الهمة لن يرتاح حتى ينجز المهمة.
الخوف ليس خوف ظلمة او الخوف من الهوام او الدواب بل خوف يتجاوز تلك المخاوف المعيقة والمثبطة لمخاوف أصحاب الهمم العالية الذين يستشعرون أهمية الوقت واهمية المهمة. انه
الخوف من عدم إنجاز المهمة!! فكيف ان كانت المهمة غالية وكيف ان كانت المهمة هي جنة.